الأوّل من تموز دخل تعميم مصرف لبنان حيز التنفيذ وبدأت المصارف تدعو أصحاب الودائع ممن تنطبق عليهم الشروط للتقدم لملء استمارات وتقديم طلب، الاّ أن جوًّا من القلق والريبة يسري عند المودعين لأكثر من سبب، ليس فقط أن هذا التعميم يشترط على المستفيد رفع السرّية المصرفيّة عن حسابه، ولا أنه مجبر على عدم الاستفادة من التعميم 151 الذي يتيح السحب على 3900 ليرة، بل يتبين أن عليه التوقيع على وثيقة تتضمن ضمن بنودها إبراء ذمّة للمصرف في حال توقّف عن الدفع لأيّ سبب من الاسباب، وتجدر الاشارة الى أنّه لا يحقّ للمودع اخراج الوثيقة لإطلاع محامٍ عليها قبل أن يقرر التوقيع أو عدم الموافقة، وهنا نسأل لماذا يطلب الى المودع ان يبرئ ذمة المصرف قبل أن يتسلّم أيّ فلس، ثم من يضمن ألاّ يتوقف هذا الاجراء الشهر المقبل او بعده،لماذا نسلّم رقابنا للمصرف؟وهنا يُطرح سؤال مهم في ظلّ أزمة مالية حادة كالتي نعيشها! هل بإمكان المصارف أن تؤمّن المبالغ المطلوبة للإلتزام بهذا التعميم؟ أي حوالي مليار و200 مليون دولار سنويا؟.
في هذا السياق، يوضح الخبير الإقتصادي وليد أبو سليمان عبر "النشرة":لا شك ان تطبيق هذا التعميم يشكل تحديا كبيرا أمام المصارف،فالمعروف أنّ رصيدها سلبي لدى المصارف المُراسلة بين الموجودات والمطلوبات، مما سيحتم عليها الدخول كلاعب لشراء الدولار من السوق السوداء مما يزيد في ارتفاع سعر صرفهبالاضافة الى تأثير اقتصادي سلبي آخر، يتمثل في زيادة الكتلة النقدية الى 27 الف مليار لتأمين القسم المطلوب من المبالغ على سعر صرف 12الف ليرة مما يزيد معدّلات التضخم ويسرّع في تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار.
وأشار أبو سليمان الى وجود نوع من التخبط، اذ كان يفترض بدء تنفيذ التعميم اول تموز بينما على أرض الواقع لمّا تزل المصارف في مرحلة تحضير الاوراق الّتي تختلف من مصرف الى آخر، لكنها دون شك تحمل خطورة حين تطلب من العميل التوقيع على إبراء ذمة المصرف ويجب مراجعة لجنة الرقابة على المصارف في هذه الحالة. وتساءل أبو سليمان إذا توقف المصرف عن الدفع هل يمكن للمودع الاستفادة مجددا من التعميم 151؟ لا أعتقد. اذا اعادوا العميل للدفع على حساب 1500 ليرة هو أمر غير مقبول إطلاقا، لكن في المبدأ فأن تطبيق هذا القانون يفيد أصحاب الودائع الصغيرة مثل 10 آلاف دولار اذا أحسن تطبيقه بالفعل لأنه يفيد المودع أكثر من التعميم 151،والا يكون المودع دخل بالمجهول ويخاطر بخسارة حقّه، من هنا يجب أن يكون متيقظا قبل التوقيع على ايّ مستند.
من جهّته رئيس جمعية المودعين حسن مغنية سينصح عبر "النشرة"المودعين خلال مؤتمر صحافي قريب السير بالتعميم 158 لأنه افضل من 151،لكنه حق مقدس للمودع شريطة ان لا يوقّع ابدا على اية مستندات وخصوصا على ابراء الذمّة للبنك بل يوقع فقط على استلام مبلغ 800 دولارفقط لا غير لأننا لن نسلّم رقابنا 5 سنوات للمصرف فهذه المجزرة يريدون بها اراحة القطاع المصرفي وليس المودع، وأنا احذر اننا سنشهد مشاكل واعتداءات في المصارف اذا لم يتحرك المسؤولون ولفت الى انه سيخبر المراجع المختصة بغية تصحيح هذه الطريقة.
بدوره حراك المتقاعدين بدأ يحذر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من التوقيع على الوثائق: بالقول"انت كمودع بتكون اسقطت حقك بأنك ترفع اي شكوى على المصارف فكر فيها لا تستعجل وتدخل بالقرار 158.
أما الرأي القانوني فكان للمحامي الدكتور اسكندر نجار الذي أبدى عبر "النشرة" أسفه لهذا التدبير الجديد الصادر عن مصرف لبنان بموجب التعميم رقم 158، معتبراً اياه بمثابة "ترقيع" وتركيع للمودعين، اذ لايعطيهم سوى جزء يسير من اموالهم، لافتاً الى وجود عدة شوائب في تطبيقه، منها استنساب وتأخير بعض المصارف في اعتماده؛ وتطبيقه على فئة محدّدة من المودعين دون سواها؛ وفرض المصرف على المودع التوقيع على تعهد او عقد مجحف بحقّه يتضمن بنوداً تعسفية "clauses abusives"تضرب عرض الحائط بأبسط القواعد القانونية. ودعا نقابة المحامين ووزيرة العدل الى اتخاذ موقف رافض حيال هذه البنود بغية حثّ جمعيّة المصارف للرجوع عنها وسحبها من التداول فوراً، صوناً لحقوق المودعين".